فصل: فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ فِي قُرْبِ السَّاعَةِ وَأَشْرَاطِهَا وَمَا قِيلَ فِي عُمْرِ الدُّنْيَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ فِي تَفْسِيرِ الْجُمْلَةِ أَنَّهُ قَالَ: ثَقُلَ عِلْمُهَا عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: خَفِيَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَلَا يَعْلَمُ قِيَامَهَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، فَهَذَانِ الْقَوْلَانِ تَفْسِيرٌ لِثِقَلِهَا بِفَقْدِ الْعِلْمِ بِهَا، فَإِنَّ الْمَجْهُولَ ثَقِيلٌ عَلَى النَّفْسِ، وَلاسيما إِذَا كَانَ عَظِيمًا، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَعْمَرٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ ثِقَلَهَا يَكُونُ يَوْمَ مَجِيئِهَا {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (81: 1) و{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ} (82: 1، 2) وإِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا 56: 4- 6 وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا وَصَفَهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ أَمْرِ قِيَامِهَا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ثِقَلِهَا: لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْخَلْقِ إِلَّا يُصِيبُهُ مِنْ ضَرَرِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلِكُلِّ رِوَايَةٍ وَجْهٌ صَحِيحٌ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنَ الْجُمْلَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا، وَهُوَ يَتَّفِقُ مَعَ جُمْلَةِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ.
لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً أَيْ: فَجْأَةً عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ، مِنْ غَيْرِ تَوَقُّعٍ وَلَا انْتِظَارٍ، وَلَا إِشْعَارٍ وَلَا إِنْذَارٍ، وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا الْقَوْلُ فِي التَّنْزِيلِ، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ «وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلَانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلَا يَتَبَايَعَانِهِ وَلَا يَطْوِيَانِهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ، وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلَا يَطْعَمُهُ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يَلِيطُ حَوْضَهُ فَلَا يُسْقَى فِيهِ، وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أَحَدُكُمْ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلَا يَطْعَمُهَا» وَالْمَعْنَى: أَنَّهَا تَبْغُتُ النَّاسَ وَهُمْ مُنْهَمِكُونَ فِي أُمُورِ مَعَايِشِهِمُ الْمُعْتَادَةِ. وَأَبْلَغُ مِنْ هَذَا قَوْلَهُ تَعَالَى فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْحَجِّ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ} (22: 1، 2).
فَيَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَخَافُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَأَنْ يَحْمِلَهُمُ الْخَوْفُ عَلَى مُرَاقَبَةِ اللهِ تَعَالَى فِي أَعْمَالِهِمْ فَيَلْتَزِمُوا فِيهَا الْحَقَّ، وَيَتَحَرَّوُا الْخَيْرَ، وَيَتَّقُوا الشَّرَّ وَالْمَعَاصِيَ، وَلَا يَجْعَلُوا حَظَّهُمْ مِنْ أَمْرِ السَّاعَةِ الْجِدَالَ، وَالْقِيلَ وَالْقَالَ. وَإِنَّنَا نَرَى بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ قَدْ شَغَلُوا الْمُسْلِمِينَ عَنْ ذَلِكَ بِبَحْثٍ افْتَجَرَهُ بَعْضُ الْغُلَاةِ، وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَبْقَ طُولَ عُمْرِهِ لَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ آيَاتُ الْقُرْآنِ الْكَثِيرَةُ بَلْ أَعْلَمَهُ اللهُ تَعَالَى بِهِ بَلْ زَعَمَ أَنَّهُ أَطْلَعَهُ عَلَى كُلِّ مَا فِي عِلْمِهِ، فَصَارَ عِلْمُهُ كَعِلْمِ رَبِّهِ، أَيْ صَارَ نِدًّا وَشَرِيكًا لِلَّهِ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْعِلْمِ الْمُحِيطِ بِالْغُيُوبِ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لَهَا، وَمِنْ أَصُولِ التَّوْحِيدِ أَنَّهُ تَعَالَى لَا شَرِيكَ لَهُ فِي ذَاتِهِ، وَلَا فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، وَالرَّسُولُ عَبْدُ اللهِ لَا يَعْلَمُ مِنَ الْغَيْبِ إِلَّا مَا أَوْحَاهُ اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِ لِأَدَاءِ وَظِيفَةِ التَّبْلِيغِ، وَسَتَزْدَادُ عِلْمًا بِبُطْلَانِ هَذَا الْغُلُوِّ خَاصَّةً فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ التَّالِيَةِ، وَلَكِنَّ الْغُلَاةَ يَرَوْنَ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي مَدْحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَعْظِيمِهِ أَنْ تَكُونَ صِفَاتُهُ دُونَ صِفَاتِ رَبِّهِ وَإِلَهِهِ وَخَالِقِ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، فَكَذَّبُوا كَلَامَ اللهِ تَعَالَى، وَشَبَّهُوا بِهِ بَعْضَ عَبِيدِهِ إِرْضَاءً لِغُلُوِّهِمْ، وَمِثْلُ هَذَا الْغُلُوِّ لَمْ يُعْرَفْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ سَلَفِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَلَوْ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُعْلِمَ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِوَقْتِ السَّاعَةِ، بَعْدَ كُلِّ مَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ فِي إِخْفَائِهَا وَاسْتِئْثَارِهِ بِعِلْمِهِ، لَمَا أَكَّدَ كُلَّ هَذَا التَّأْكِيدِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَغَيْرِهَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} إِلَخْ. يَسْأَلُونَكَ هَذَا السُّؤَالَ كَأَنَّكَ حَفِيُّ مُبَالِغٌ فِي سُؤَالِ رَبِّكَ عَنْهَا- أَوْ يَسْأَلُونَكَ عَنْهَا كَأَنَّكَ حَفِيٌّ بِهِمْ- فَعَنْهَا مُتَعَلِّقٌ بِـ {يَسْأَلُونَكَ}، وَجُمْلَةُ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ مُعْتَرِضَةٌ. قَالَ فِي مَجَازِ الْأَسَاسِ: أَحْفَى فِي السُّؤَالِ: أَلْحَفَ... وَهُوَ حَفِيٌّ عَنِ الْأَمْرِ: بَلِيغٌ فِي السُّؤَالِ عَنْهُ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا وَقَالَ الْأَعْشَى:
فَإِنْ تَسْأَلِي عَنِّي فَيَا رُبَّ سَائِلٍ ** حَفِيٍّ عَنِ الْأَعْشَى بِهِ حَيْثُ أَصْعَدَا

واسْتَحْفَيْتُهُ عَنْ كَذَا: اسْتَخْبَرْتُهُ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ. وَتَحَفَّى بِي فُلَانٌ، وَحَفِيَ بِي حَفَاوَةً، إِذَا تَلَطَّفَ بِكَ، وَبَالَغَ فِي إِكْرَامِكَ اهـ. أَقُولُ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَآلِهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} (19: 47).
وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ عَنِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا يَقُولُ: كَأَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ مَوَدَّةً كَأَنَّكَ صَدِيقٌ لَهُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا سَأَلَ النَّاسُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ السَّاعَةِ سَأَلُوهُ سُؤَالَ قَوْمٍ كَأَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّ مُحَمَّدًا حَفِيٌّ بِهِمْ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَهُ، اسْتَأْثَرَ بِهِ فَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ مَلَكًا مُقَرَّبًا وَلَا رَسُولًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ قَرَابَةً فَأَشِرْ إِلَيْنَا مَتَى السَّاعَةُ؟ فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا} وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي مَالِكٍ وَالسُّدِّيِّ، هَذَا قَوْلٌ، وَالصَّحِيحُ عَنْ مُجَاهِدٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ وَغَيْرِهِ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قَالَ: اسْتَحْفَيْتُ عَنْهَا السُّؤَالَ حَتَّى عَلِمْتُ وَقْتَهَا. وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا يَقُولُ: كَأَنَّكَ عَالِمٌ بِهَا، لَسْتَ تَعْلَمُهَا، قُلْ: إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ بَعْضِهِمْ، كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا كَأَنَّكَ عَالِمٌ بِهَا، وَقَدْ أَخْفَى الله عِلْمَهَا عَنْ خَلْقِهِ. وَقَرَأَ: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} (31: 34) الْآيَةَ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَرْجَحُ فِي الْمَعْنَى مِنَ الْأَوَّلِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، وَلِهَذَا قَالَ: قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ هَذَا تَكْرَارٌ لِلْجَوَابِ فِي إِثْرِ تَكْرَارِ السُّؤَالِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّأْكِيدِ وَالْإِيئَاسِ مِنَ الْعِلْمِ بِوَقْتِ مَجِيئِهَا، وَتَخْطِئَةِ مَنْ يَسْأَلُونَ عَنْهُ، وَقَدْ ذُكِرَ هُنَا اسْمُ الْجَلَالَةِ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّهُ مِمَّا اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِهِ لِذَاتِهِ، كَمَا أَشْعَرَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّهُ مِنْ شُئُونِ رُبُوبِيَّتِهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مِمَّا يَسْتَحِيلُ عَلَى خَلْقِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ اخْتِصَاصَ عِلْمِهَا بِهِ تَعَالَى وَلَا حِكْمَةَ ذَلِكَ، وَلَا أَدَبَ السُّؤَالِ، وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْمَقَامِ، وَإِنَّمَا يَعْلَمُ ذَلِكَ الْقَلِيلُونَ، وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ بِمَا جَاءَ مِنْ أَخْبَارِهَا فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى، وَبِالسَّمَاعِ مِنْ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم كَالَّذِينِ حَضَرُوا تَمَثُّلَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِصِفَةِ رَجُلٍ وَسُؤَالَهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ ثُمَّ عَنِ السَّاعَةِ. وَقَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ عِنْدَ السُّؤَالِ الْأَخِيرِ: «وَمَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ» يَعْنِي أَنَّنَا سَوَاءٌ فِي هَذَا الْأَمْرِ، لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مِنَّا مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ.

.فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ فِي قُرْبِ السَّاعَةِ وَأَشْرَاطِهَا وَمَا قِيلَ فِي عُمْرِ الدُّنْيَا:

إِنَّ مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مِنْ قُرْبِ قِيَامِ السَّاعَةِ حَقٌّ مُقْتَبَسٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَآيَةِ الْأَحْزَابِ الَّتِي ذُكِرَتْ قَرِيبًا، وَمِثْلُهَا آيَةُ الشُّورَى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} (42: 17) وَفِي مَعْنَاهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سِيَاقِ الرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِي الْبَعْثِ وَالْإِعَادَةِ: {وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا} (17: 51) وَفِي التَّعْبِيرِ عَنْ قُرْبِهِ بِـ {لَعَلَّ} و{عَسَى} مَا يُنَاسِبُ عَدَمَ إِطْلَاعِ اللهِ لِرَسُولِهِ عَلَى وَقْتِهِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ قُرْبَ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي مِقْدَارُهُ مِنْ مَبْدَئِهِ إِلَى غَايَتِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ مُنَاسِبٌ لَهُ، وَلِمَا تَقَدَّمَ مَنْ عُمْرِ الدُّنْيَا وَبَقِيَ مِنْهُ- فَالْقُرْبُ وَالْبُعْدُ مِنَ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ، وَالْمُرَادُ قُرْبُهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا مَضَى مِنْ عُمْرِ الدُّنْيَا، وَلَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ تَعَالَى.
وَمَا جَاءَ فِي الْآثَارِ مِنْ أَنَّ عُمْرَ الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ- مَأْخُوذٌ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ الَّتِي كَانَ يَبُثُّهَا زَنَادِقَةُ الْيَهُودِ وَالْفُرْسِ فِي الْمُسْلِمِينَ حَتَّى رَوَوْهُ مَرْفُوعًا، وَقَدِ اغْتَرَّ بِهَا مَنْ لَا يَنْظُرُونَ فِي نَقْدِ الرِّوَايَاتِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ أَسَانِيدِهَا، حَتَّى اسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِ الدُّنْيَا، وَلِلْجَلَالِ السُّيُوطِيِّ فِي هَذَا رِسَالَةٌ فِي ذَلِكَ قَدْ هَدَمَهَا عَلَيْهِ الزَّمَانُ، كَمَا هَدَمَ أَمْثَالَهَا مِنَ التَّخَرُّصَاتِ وَالْأَوْهَامِ، وَمَا بُثَّ فِي الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ مِنَ الْكَيْدِ لِلْإِسْلَامِ.
قَالَ السَّيِّدُ الْآلُوسُ فِي إِثْرِ تَفْسِيرِ الْآيَةِ: وَإِنَّمَا أَخْفَى سُبْحَانَهُ أَمْرَ السَّاعَةِ لِاقْتِضَاءِ الْحِكْمَةِ التَّشْرِيعِيَّةِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ أَدْعَى إِلَى الطَّاعَةِ، وَأَزْجَرُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، كَمَا أَنَّ إِخْفَاءَ الْأَجَلِ الْخَاصِّ لِلْإِنْسَانِ كَذَلِكَ. وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ الْحِكْمَةَ التَّكْوِينِيَّةَ تَقْتَضِي ذَلِكَ أَيْضًا لَمْ يَبْعُدْ، وَظَاهِرُ الْآيَاتِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ قِيَامِهَا. نَعَمْ عَلِمَ صلى الله عليه وسلم قُرْبَهَا عَلَى الْإِجْمَالِ، وَأَخْبَرَ صلى الله عليه وسلم بِهِ، فَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ» وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا أَيْضًا: إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِيمَنْ مَضَى قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَجَاءَ فِي غَيْرِ مَا أُثِرَ أَنَّ عُمْرَ الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ، وَأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بُعِثَ فِي أَوَاخِرِ الْأَلِفِ السَّادِسَةِ، وَمُعْظَمُ الْمِلَّةِ فِي الْأَلْفِ السَّابِعَةِ.
وَأَخْرَجَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ عِدَّةَ أَحَادِيثَ فِي أَنَّ عُمْرَ الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ، وَذَكَرَ أَنَّ مُدَّةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ تَزِيدُ عَلَى أَلْفِ سَنَةٍ، وَلَا تَبْلُغُ الزِّيَادَةُ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَخْبَارٍ وَآثَارٍ ذَكَرَهَا فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِالْكَشْفِ عَنْ مُجَاوَزَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْأَلْفَ وَسَمَّى بَعْضُهُمْ لِذَلِكَ هَذِهِ الْأَلْفَ الثَّانِيَةِ بِالْمُخَضْرَمَةِ؛ لِأَنَّ نِصْفَهَا دُنْيَا، وَنِصْفَهَا الْآخَرَ أُخْرَى، وَإِذَا لَمْ يَظْهَرِ الْمَهْدِيُّ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا يَنْهَدِمُ جَمِيعُ مَا بَنَاهُ فِيهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَكَأَنِّي بِكَ تَرَاهُ مُنْهَدِمًا اهـ.
أَقُولُ: نَقَلْتُ هَذَا؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَرْجِعُونَ إِلَى هَذَا التَّفْسِيرِ فِي مِثْلِ هَذَا الْبَحْثِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَعْرِفَ رَأْيَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ مَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ، وَقَدْ مَضَتِ الْمِائَةُ الَّتِي كَانَ فِيهَا مُؤَلَّفُهُ بِرَأْسِهَا وَذَنَبِهَا وَهِيَ الْمِائَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ، ثُمَّ مَضَى زُهَاءَ نِصْفِ الْمِائَةِ الَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ، إِذْ نَكْتُبُ هَذَا الْبَحْثَ فِي سَنَةِ 1345 وَلَمْ يَظْهَرِ الْمَهْدِيُّ، فَانْهَدَمَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ مَا بَنَاهُ السُّيُوطِيُّ عَفَا اللهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنَ الْأَوْهَامِ الَّتِي جَمَعَهَا كَحَاطِبِ لَيْلٍ، وَنَحْنُ نُورِدُ هُنَا مَا كَتَبَهُ الْحَافِظُ فِي شَرْحِهِ لِحَدِيثِ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ» مِنْ شَرْحِهِ لِلْبُخَارِيِّ، ثُمَّ نُقَفِّي عَلَيْهِ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ.
بَدَأَ الْحَافِظُ شَرْحَهُ لِمَعْنَى الْحَدِيثِ بِأَقْوَالِ مُحَقِّقِي الْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى التَّشْبِيهِ بِالْإِصْبَعَيْنِ، هَلِ الْمُرَادُ بِهِ قُرْبُ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى؟ أَمِ التَّفَاوُتُ الَّذِي بَيْنَهُمَا فِي الطُّولِ؟ وَمَا الْمُرَادُ بِهِ؟ وَالْأَرْجَحُ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ السَّاعَةِ نَبِيٌّ آخَرُ فَهِيَ تَلِيهِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} (31: 34) وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِلْمَ قُرْبِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ عِلْمَ وَقْتِ مَجِيئِهَا مُعَيَّنًا، وَقِيلَ مَعْنَى الْحَدِيثِ: لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْقِيَامَةِ شَيْءٌ، هِيَ الَّتِي تَلِينِي كَمَا تَلِي السَّبَّابَةُ الْوُسْطَى؟. وَعَلَى هَذَا فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنِ السَّاعَةِ: {لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}. اهـ.
وَأَقُولُ: إِنَّ جُمْلَةَ {لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} قَدْ وَرَدَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} (6: 59) لَا فِي السَّاعَةِ، وَلَكِنْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ تَفْسِيرُ مَفَاتِحِ الْغَيْبِ بِآيَةِ آخِرِ سُورَةِ لُقْمَانَ: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} (31: 34) إِلَخْ. فَعِبَارَتُهُ صَحِيحَةُ الْمَعْنَى لَا اللَّفْظِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ اللهُ وَأَثَابَهُ: وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: حَاوَلَ بَعْضُهُمْ فِي تَأْوِيلِهِ أَنَّ نِسْبَةَ مَا بَيْنَ الْأُصْبُعَيْنِ كَنِسْبَةِ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا مَضَى، وَأَنَّ جُمْلَتَهَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ، وَاسْتَنَدَ إِلَى أَخْبَارٍ لَا تَصِحُّ، وَذَكَرَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي تَأْخِيرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ نِصْفَ يَوْمٍ، وَفَسَّرَهُ بِخَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ، فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي بَقِيَ نِصْفُ سُبُعٍ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى فِي الطُّولِ. قَالَ:
وَقَدْ ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّةِ ذَلِكَ لِوُقُوعِ خِلَافِهِ، وَمُجَاوَزَةِ هَذَا الْمِقْدَارِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا ثَابِتًا لَمْ يَقَعْ خِلَافُهُ.
قُلْتُ: قَدِ انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مُنْذُ عَهِدَ عِيَاضٌ إِلَى هَذَا الْحِينِ ثَلَاثُمِائَةِ سَنَةٍ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ قِيلَ: الْوُسْطَى تَزِيدُ عَلَى السَّبَّابَةِ نِصْفَ سُبُعِهَا، وَكَذَا الْبَاقِي مِنَ الدُّنْيَا مِنَ الْبَعْثَةِ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ؟ قَالَ: وَهَذَا بَعِيدٌ، وَلَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ الدُّنْيَا، فَكَيْفَ يَتَحَصَّلُ لَنَا نِصْفُ سُبُعِ أَمَدٍ مَجْهُولٍ؟ فَالصَّوَابُ الْإِعْرَاضُ عَنْ ذَلِكَ.
قُلْتُ: السَّابِقُ إِلَى ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ، فَإِنَّهُ أَوْرَدَ فِي مُقَدِّمَةِ تَارِيخِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الدُّنْيَا جُمُعَةٌ مِنْ جُمَعِ الْآخِرَةِ سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ، وَقَدْ مَضَى سِتَّةُ آلَافٍ وَمِائَةُ سَنَةٍ، وَأَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ، وَيَحْيَى هُوَ أَبُو طَالِبٍ الْقَاضِي الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرَ الْحَدِيثِ، وَشَيْخُهُ هُوَ فَقِيهُ الْكُوفَةِ، وَفِيهِ مَقَالٌ، ثُمَّ أَوْرَدَ الطَّبَرِيُّ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ: الدُّنْيَا سِتَّةُ آلَافِ سَنَةٍ، وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ مِثْلُهُ، أَرَادَ أَنَّ الَّذِي مَضَى مِنْهَا خَمْسَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةِ سَنَةٍ ثُمَّ زَيَّفَهُمَا وَرَجَّحَ مَا جَاءَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا سَبْعَةُ آلَافٍ ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ مَرْفُوعًا مَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ إِلَّا مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغْرِبِ الشَّمْسِ وَمِنْ طَرِيقِ مُغِيرَةَ بْنِ حَكِيمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: مَا بَقِيَ لِأُمَّتِي مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا كَمِقْدَارِ مَا إِذَا صَلَّيْتُ الْعَصْرَ وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالشَّمْسُ عَلَى قُعَيْقِعَانٍ مُرْتَفِعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ: مَا أَعْمَارُكمْ فِي أَعْمَارِ مَنْ مَضَى إِلَّا كَمَا بَقِيَ مِنْ هَذَا النَّهَارِ مِمَّا مَضَى مِنْهُ» وَهُوَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ أَنَسٍ «خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَقَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ تَغِيبُ» فَذَكَرَ نَحْوَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ بِمَعْنَاهُ قَالَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. إِنَّ مِثْلَ مَا بَقِيَ مِنَ الدُّنْيَا فِيمَا مَضَى مِنْهَا كَبَقِيَّةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِيمَا مَضَى مِنْهُ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا وَفِيهِ مُوسَى بْنُ خَلَفٍ ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ: «بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ» عَلَى مَا إِذَا صَلَّيْتَ فِي وَسَطٍ مِنْ وَقْتِهَا.